تناقلت وكالات الأنباء حديثا خبرا مفاده أن طابعات الليزر المستخدمة في المكاتب والمنازل تسبب تلوث الجو المحيط بها وتعتبر مثل الدخان في خطورتها. ولأن الخبر قد استأثر بالاهتمام لشيوع استخدام هذه الطابعات فقد أردت أن أشارك القراء الكرام مصدر هذا الخبر وأفيدهم بالمعلومة الموثقة كما ظهرت من الباحثين الذين نشروا هذا البحث.
في البداية هناك من يشتكي انه يشعر بضيق في التنفس عند الجلوس بجانب طابعة الليزر اثناء عملها وسيجد القارئ على الانترنت قصص بعض الذين شكوا من هذه الأعراض. ولكن هذا غير كاف للوم الطابعات ووصمها بأنها تسبب التلوث وقد تسبب أمراض الصدر.
وبداية الاكتشاف أن مجموعة من الباحثين في إحدى الجامعات الأسترالية كانوا يقومون باختبار مدى فعالية النوافذ في المكاتب للحماية من التلوث الخارجي حينما اكتشفوا ان هناك مصادر داخل المكاتب تصدر جزيئات صغيرة تؤدي إلى تلوث الجو. ووجدوا فيما بعد أن مصدر هذا الجزيئات قد يكون آلات الليزر الطابعة. بعد ذلك قاموا بعمل دراسة في أحد المكاتب التي تحتوي على 62آلة طابعة من مختلف الأنواع المعروفة (Canon. HP. Ricoh. Toshiba) ونشر البحث هذا الشهر في مجلة (Environmental Science and Technology) الأمريكية. وقام الباحثون بقياس مستوى الجزيئات الصغيرة التي قد تطلقها الطابعة بعد القيام بعملية الطبع في المنطقة المحيطة بكل طابعة. وبناء على ذلك تمكنوا من تقسيم الطابعات إلى أربعة أقسام: الطابعات التي لا تصدر أي جزيئات، والطابعات التي تصدر كميات صغيرة، متوسطة وعالية (الف ضعف) من الجزيئات. وشكل القسم الأول الذي لا يصدر جزيئات 60% من الطابعات التي تم اختبارها في حين أصدر 40% من الطابعات كميات مختلفة من الجزيئات. واعتبر الباحثون أن 27% من الطابعات المختبرة أصدرات كميات عالية من الجزيئات الصغيرة. بعد ذلك قام الباحثون باختبار دقيق للجزيئات الصادرة من ثلاث طابعات تصدر كميات كبيرة من الجزيئات وشبهوا كمية الجزيئات الصادرة من إحداها بكمية الجزيئات الصادرة عن السيجارة المشتعلة وهنا أنبه القارئ على اننا نتحدث عن كمية الجزيئات وليس عن نوعية الجزيئات ومدى سميّتها. ولم يربط الباحثون كميات الجزيئات الصادرة بنوع معين من الطابعات ولكن ربطوه بعمر كاتريج الطابعة (الذي تتم الطباعة داخله) المستخدم وجودة تغليف التونر (الحبر).
والسؤال البديهي الذي سيطرحه القارئ: هل هناك خطورة من استخدام طابعات الليزر وهل يجب تجنبها؟ وهذا سؤال يصعب الإجابة عليه من هذه الدراسة. ولكن وجود جزيئات صغيرة يمكن استنشاقها إلى داخل الرئة قد يكون لها تأثير سلبي على التنفس والقصبات الهوائية أو على الخلايا وهذا يعتمد على مدى سميّة هذه الجزيئات وهذا الجانب لم تجب عليه الدراسة الحالية ويحتاج إلى ابحاث أكثر ولكن بدون شك لا يمكننا نفي أن تكون لهذه الجزيئات تأثيرات سلبية أو مرضيءة على الجسم حيث أنها تشكل جزيئات كيميائية غريبة على الجسم لذلك وجب أخذ الحيطة.
وعلى ضوء هذه النتائج يمكن أن نضع بعض التوصيات:
- بناء على ما ثبت حتى الآن لابد من وضع مواصفات ومقاييس لطابعات الليزر تضمن سلامة المستخدم وأن يكون من مواصفات الطابعة ألا تزيد كمية الجزيئات الصادرة عن حد معين يحدده المختصون.
- يفضل عدم الجلوس بجانب طابعات الليزر في المكاتب ووضعها في مكان بعيد نسبيا عن مكان الجلوس
- أن تكون التهوية جيدة في الأماكن التي تستخدم فيها طابعات الليزر. فإذا كان المكان جيد التهوية فإن الجزيئات يمكن ان تختفي في دقائق، في حين أنها قد تستمر عالقة في الجو لساعات في الأماكن التي لا توجد بها تهوية.