أمرين ونهيين وخبرين وبشارتين في آيه واحده
________________________________________
الحمد لله وحده ، والصلاة والسلام على من لا نبي من بعده ، سيدنا محمد وعلى اله وصحبه وجنده ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين . وبعد :
فيبقى القرآن الكريم المعجزة الخالدة الباقية إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها بخلاف معجزات رسل الأمم السابقة التي انتهت في وقتها مثل إحياء الموتى لعيسى عليه السلام والعصا لموسى عليه السلام وغيرها من المعجزات المعروفة .
أما رسولنا عليه الصلاة والسلام فمعجزته خالدة وباقية إلى يوم الدين . والإعجاز في القرآن الكريم يكمن في بلاغته وفصاحته التي أعجزت فصحاء وبلغاء العرب من أن يأتوا بمثله أو بعشر سور بل ولا بسوره واحده كما اخبر بذلك الله في كتابه العزيز.
ونحاول في هذه النافذة البسيطة ذكر بعض النماذج البسيطة من بلاغة القرآن الكريم حتى يزداد ارتباط المسلم بكتاب ربه وان كانت هذه الأمور معروفه للكثيرين ولكن من باب قوله تعالى
وَذَكِّرْ فَإِنَّ الذِّكْرَى تَنفَعُ الْمُؤْمِنِينَ
< الذاريات /55>.
... في قوله تعالى :
وَأَوْحَيْنَا إِلَى أُمِّ مُوسَى أَنْ أَرْضِعِيهِ فَإِذَا خِفْتِ عَلَيْهِ فَأَلْقِيهِ فِي الْيَمِّ وَلَا تَخَافِي وَلَا تَحْزَنِي إِنَّا رَادُّوهُ إِلَيْكِ وَجَاعِلُوهُ مِنَ الْمُرْسَلِينَ
< القصص / 7 >
جاء في تفسير البيضاوي ... وأوحينا إلى أم موسى بإلهام أو رؤيا . أن أرضعيه ما أمكنك إخفاؤه . فإذا خفت عليه بأن يحس به . فألقيه في اليم في البحر يريد النيل . ولا تخافي عليه ضيعه ولا شدة . ولا تحزني لفراقه . إنا رادوه إليك عن قريب بحيث تأمنين عليه . وجاعلوه من المرسلين روي أنها لما ضر بها الطلق دعت قابلة من الموكلات بحبالى بني إسرائيل فعالجتها ، فلما وقع موسى على الأرض هالها نور بين عينيه وارتعشت مفاصلها ودخل حبه في قلبها بحيث منها من السعاية ، فأرضعته ثلاثة أشهر ثم ألح فرعون في طلب المواليد واجتهد العيون في تفحصها فأخذت له تابوتاً فقذفته في النيل .
حكى الأصمعي قال : سمعت جارية أعرابية تنشد وتقول :
استغفر الله لذنبي كله قبلت إنساناً بغيير حله...مثل الغزال ناعماً في دله فانتصف الليل ولم أصله فقلت : قلت الله ما أفصحك ! فقالت : أو يعد هذا فصاحة مع قوله تعالى : وأوحينا إلى أم موسى أن أرضعيه الآية ، فجمع في آية واحدة بين أمرين ونهيين وخبرين وبشارتين .
أسأل الله تعالى أن تكون خالصة لوجهه الكريم وان ينفع بها من كتبها ومن نشرها وقراها والحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى اله وصحبه أجمعين.